خ menu auto_mode + font_download -
# شيخنا سماحة الشيخ صالح الفوزان والمواقف الثابتة. منذُ أن قامت بلادنا المباركة، المملكة العربية السعودية، وهي ترفع راية التوحيد لله رب العالمين، وتتفيأ ظلال العلم الشرعي المستمد من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، فلم تخلُ بلادنا المباركة يومًا من علماء ربانيين، قائمين بالحق، يقصدهم المسلمون للسؤال والفتيا، ليعلموهم دينهم على هدى وبصيرة، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر: [9]. ويعضد هذه المنهجية ولاة أمر صالحين، اصطفاهم الله عز وجل لحماية بيضة الدين وجمع شتات هذه البلاد، ووأد فرقتها، وتوحيد كلمتها؛ لتكون في أقل من قرن من الزمان، في مقدمة الدول، ومصاف الأمم، بفضل القاعدة الأصيلة الثابتة الرصينة التي قامت عليها، من توحيد الله عز وجل، ورفع رايته، وإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته. وهذه المرجعية الشرعية، آتت أكلها ضعفين، فأنبتت شجرة مباركة من العلماء الربانين، تستمد علمها من نصوص الوحي الكريم، وفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين، فأضحت بلادنا منارة للعلم الشرعي الصحيح، وقبلة لطلاب العلم في جميع العالم الإسلامي، بفضل هؤلاء العلماء الربانيين الذين انتظموا في عقد مبارك ميمون، اجتمع على حبهم خواص المسلمين وعامتهم، ونفع الله عز وجل بهم البلاد والعباد، وطار علمهم في مشارق الأرض ومغاربها. ومنذ أيام قلائل أفلت شمس علم كبير، وعالم جليل، من علماء بلادنا المباركة، سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيح -رحمه الله- بعد حياة حافلة بالعطاء، والعلم، والإفتاء. ليخلف الله عز وجل علينا بعالم جليل القدر، لا يقل عن سابقه علمًا وفضلًا، وهو سماحة شيخنا، الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-؛ ليخلف أسلافه من العلماء الربانين الذين عايشهم، وتتلمذ على أيديهم، ونهل من علومهم وأدبهم، ولزم غرسهم ونهجهم. وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بناءً على توصية ولي عهده الأمين، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان – حفظهم الله وأيدهم- أمرًا ملكيًا بتعيين سماحة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء. وهذا الأمر المبارك، يؤكد منهج هذه البلاد المباركة القائم على الكتاب والسنة، ورفع راية العلم، وإعلاء شأن العلماء، وإنزالهم منازلهم اللائقة بهم؛ ليؤدوا دورهم كمنارات للهداية، وحراسًا للعقيدة والشريعة. وشيخنا الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- له قدم في العلم الشرعي، وفضل على طلاب العلم، بمؤلفاته وتحقيقاته، ودروسه ومحاضراته، ودعوته وعلمه، وكل ذلك أورثه مكانة في قلوب العامة والخاصة. وشيخنا -حفظه الله- منهجه معلوم للقاصي والداني، فهو على نهج أسلافه من علماء هذه البلاد المباركة، في العقيدة الصحيحة، والارتباط بالدليل، ووضوحه في بيان الحق، وبعده عن مظانّ السوء، ومواطن الريبة، فلم ينزلق في فتنة، أو يدلي بشبهة، حريصًا على ائتلاف الصف، ووحدة الكلمة، دائم الدعاء لولاة الأمر بالتوفيق والسداد، بعيدًا كل البعد عن أسباب الخلاف، ومواطن الاختلاف. وشيخنا –حفظه الله- صاحب منهج ثابت لا يتغير، فقد وقف في وجه الحزبيات، والانتماءات، وكشَف كيدها، وبيّن عَوَارَها، وربط طلابه بمنهج السلف، دون إفراط أو تفريط. ولشيخنا -حفظه الله- منهجه الثابت في الفتوى، الذي مشى عليه منذ ستين عامًا، ومما أذكر في هذا الشأن أنني سألته ونحن طلاب عنده، في كلية الشريعة، عن مسألة معينة، وتكرّر عليه نفس السؤال من غيري في إحدى لقاءاته في جامع الغنام بالزلفي، وكنت أطرح الأسئلة عليه، فكان الجواب نفس الجواب لم يتغير، مع طول السنين، وكثرة المتغيرات، وهذا الثبات في الفتوى، لا يوفق له إلا القلة من العلماء الربانيين، الذين ينطلقون من نصوص الكتاب والسنة، ويسيرون على منهج سلف الأمة. وإني بهذه المناسبة المباركة: أتوجه إلى الله عز وجل بالحمد والثناء، على ما أنعم به على بلادنا من وحدة الصف، واجتماع الكلمة، وما أفاء به على بلادنا من علماء ربانيين، يخلف بعضهم بعضًا في العلم والدين. والله سبحانه أسأل أن يؤيد شيخنا فيما أسند إليه من تكليف، وأن يرزقه الإخلاص والقبول، والتوفيق والسداد، وأن يمتعه بالصحة والعافية، وأن يحقق على يديه الخير للبلاد والعباد، وأن يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء، على تعيين سماحة الشيخ صالح الفوزان، فقد فرح بذلك الخاصة والعامة، ولهجت ألسنتهم بالدعاء بالتوفيق والسداد؛ لولاة أمرنا، وهذا توفيق من الله وفضل، فلله الحمد أولًا وأخرًا، وظاهرًا وباطنًا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.           ### عدد الخطب 235